الصين تشن “ثورة صامتة” عبر تيك توك ضد الماركات العالمية

الصين تشن “ثورة صامتة” عبر تيك توك ضد الماركات العالمية
في تحول لافت داخل سوق التجارة الإلكترونية، تشهد الصين ما يشبه “ثورة صامتة” ضد العلامات التجارية العالمية، ولكن بطريقة غير تقليدية، يقودها آلاف المؤثرين عبر منصة “تيك توك”.
يعتمد هؤلاء المؤثرون على نشر مقاطع فيديو قصيرة تُظهر حقيقة صادمة للمستهلكين: أن العديد من المنتجات الفاخرة، التي تُباع بأسعار مرتفعة في الأسواق العالمية بسبب شعاراتها التجارية البراقة، يتم تصنيعها داخل نفس المصانع التي تنتج نسخًا مشابهة تُباع محليًا بعُشر السعر — لكن بدون الشعار أو الغلاف الفاخر.
كيف بدأت الحملة؟
خلال الأشهر الماضية، برزت آلاف الحسابات التي تحمل شعار “同厂” (أي “نفس المصنع”)، حيث يستعرض المؤثرون منتجات مثل الحقائب، الأحذية، الملابس، وأجهزة إلكترونية، ويؤكدون أنها مصنوعة بنفس الخامات وبمعايير جودة متقاربة، لكن دون دفع ثمن الاسم التجاري.
يتفنن هؤلاء في عرض مقارنات حية بين المنتج “الأصلي” والمنتج “نفس المصنع”، كاشفين أن الفارق الأكبر يكمن فقط في الشعار والسعر النهائي.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي
هذه الحملة الشعبية أحدثت دوياً في سوق التجزئة داخل الصين، إذ بات الكثير من المستهلكين يُفضّلون شراء النسخ “الخفية” على دفع مبالغ باهظة مقابل اسم علامة تجارية.
في المقابل، تخشى العلامات الكبرى من امتداد هذه الظاهرة إلى الأسواق العالمية، حيث قد تُهدد مكانتها وتعصف بنموذجها الربحي القائم على القوة الرمزية للماركة.
لماذا تيك توك؟
تُعد منصة تيك توك بيئة مثالية لانتشار هذا النوع من الحملات، نظرًا لطبيعة الفيديوهات القصيرة، وسهولة الوصول لجمهور واسع من الشباب الباحثين عن جودة جيدة بأسعار معقولة.
كما ساعدت خوارزميات تيك توك في إبراز هذه النوعية من المحتوى، مما جعل فكرة “نفس المصنع” تتحول إلى موجة واسعة النطاق.
رد فعل الشركات العالمية
حتى الآن، تلتزم معظم الشركات الصمت تجاه هذه الظاهرة، إلا أن بعض التحركات بدأت تظهر، منها تشديد الرقابة على خطوط الإنتاج، وابتكار تصميمات جديدة بشكل أسرع للتمييز عن المنتجات “غير الموقعة”، إضافة إلى حملات توعوية غير مباشرة حول “قيمة العلامة التجارية”.
ما وراء الظاهرة
بعيدًا عن التجارة، تعكس هذه الظاهرة تحوّلاً أعمق في نظرة المستهلك الصيني والعالمي إلى مفاهيم “القيمة”، و”الجودة”، و”الهوية”، حيث بات الكثيرون يتساءلون: هل أدفع مئات الدولارات مقابل شعار؟
في النهاية، تشير هذه الثورة الصامتة إلى أن الأسواق التقليدية قد تكون أمام مرحلة جديدة بالكامل، قد تعيد رسم العلاقة بين المستهلك والعلامة التجارية.