عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

وزارة الآثار تكشف عن مقترح تطوير سور مجرى العيون

الميزان

قال محمد عبدالعزيز مدير مشروع تطوير القاهرة التاريخية بوزارة الآثار، إنه تم إعداد مشروع لتطوير سور مجرى العيون، الذي يدخل ضمن نطاق المرحلة الثالثة من مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية، ويحظى باهتمام شديد من رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أنه تم رفع المقترح لمجلس الوزراء لمراعاته ضمن المشروع الضخم الذي تنفذه الدولة.


وأضاف عبدالعزيز، في تصريحات صحفية، اليوم الإثنين، أن المنطقة ستشهد مرحلة كبيرة من التطوير والصيانة، وسيتم استغلال المنطقة المحيطة وهي الأماكن التي سيتم إخلاؤها من المدابغ في استثمار العديد من المشروعات لتصبح منطقة جذب سياحي، وذلك بالتعاون مع العديد من الوزارات والمحافظة.


وأشار إلى أن منطقة سور مجرى العيون ليست المدابغ فقط، ومشروع التطوير سيشمل المنطقة العشوائية المتصلة بها، مضيفا أن وزارة الآثار تتولى مسئولية ترميم وتطوير السور والمنطقة المحيطة به "30 مترا حرم ".


وأوضح أنه بالرغم من أن المجتمع المحلي حول مجرى العيون ليس له تاريخ طويل كما هو الحال في الأحياء التاريخية للقاهرة والفسطاط، إلا أن تاريخه جدير بالحفاظ عليه بسبب تميزه اجتماعيا واقتصاديا، والقيمة الجمالية الناشئة عن العلاقة العفوية من ناحية بين بيوت الأهالي، والتي بنيت في أغلب الأحيان بدون معماري، ومن ناحية أخرى بين سور مجرى العيون كمنشأ ضخم وذا طبيعة رسمية.


وعرض عبدالعزيز، الفلسفة العامة للمشروع المقترح لتطوير سور مجرى العيون، والتي تعتمد على وضع رؤية شاملة للسور ككل متضمنة منطقة المدابغ ومصانع الغراء بعد إزالتها، حيث سيتم إزالة التعديات على الأثر، ثم وضع وصياغة رؤية تنموية للارتقاء بتلك المنطقة وتحسين واقعها البصري على المدى القصير وإعادة إحلالها على المدى البعيد.


وأوضح أنه من المقرر تنفيذ الخطة المتعلقة بالمدى القصير (التحسين البصري) للمنطقة المطلة على السور (وحدة عمرانية متجانسة عمرانيا واجتماعيا واقتصاديا) في نفس زمن تنفيذ ترميم السور، حيث يعد كل منهما شرطا مكملا وضروريا لإنجاح الآخر.


وأشار مدير مشروع تطوير القاهرة التاريخية بوزارة الآثار، إلى أنه سيتم اعتبار المنطقة ضمن المسار السياحي، الذي يبدأ من القلعة ثم منطقة سور مجرى العيون من تقاطعه مع شارع صلاح سالم وحتى كورنيش النيل، ثم مقياس النيل ثم قصر محمد علي بالمنيل، وإنشاء متحفين بمنطقة السور تحت موضوع أو مجال تكنولوجيا الماضي الأول يقع في المنطقة الترفيهية المزمع إقامتها مكان المدابغ وجنوب السور مباشرة، ويعرض تطور صناعة الدباغة والجلود، ويعد بمثابة البوابة الشمالية للمحور الخدمي الترفيهي المقترح، والثاني في منطقة السواقي، في الجهة الغربية للسور، ويعرض أفكار الهندسة الهيدروليكية في زمن إنشاء السور. 


وتابع أنه سيتم خلق محور خدمي ترفيهي عمودي على السور ومرتبط مع ما هو مقترح لمنطقة المدبح شمالا وحتى المنطقة الترفيهية جنوب صلاح سالم ليتكامل مع منطقة المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، مع مراعاة خلق منطقة إسكان يمين ويسار هذا المحور تعمل على تهيئة البيئة الملائمة لإنجاحه اقتصاديا، على أن ينتهي ذلك المحور الخدمي الترفيهي عند متحف الحضارة، والذي يعد في هذه الحالة بمثابة البوابة الجنوبية للمحور المقترح. 


وأكد أن المحور الترفيهي المقترح سيعمل على توفير حماية للسور واستغلال المنطقة المحيطة بالسور كمنطقة ترفيهية سواء للمجتمع المحلي أو الزائرين المصريين والأجانب، مما يؤدي إلى تطوير المحيط العمراني، والذي يؤدي بدوره إلى الارتقاء العمراني بالمنطقة.


وقال عبدالعزيز، إنه لتحقيق ذلك سيتم إنشاء منطقة خضراء يتخللها مسار مشاه رئيسي يتجه من الشمال إلى الجنوب، ويتخلله مجموعة من الانحناءات تخلق بدورها مجموعة من الفراغات بين مسار المشاة وكل من السور أو الطريق الآلي المقترح غرب المنطقة الخضراء وتستخدم هذه الفراغات كمناطق ترفيهية بها بعض الخدمات الداعمة للنشاط الترفيهي والسياحي.


وأضاف أنه سيتم استغلال المنطقة المحيطة بمبنى السواقي، والتي لها ميزة مكانية نظرا لإطلالها على كورنيش النيل، كمنطقة استقبال وأنشطة سياحية وترفيهية تعمل على إظهار المنظر العام لمبنى السواقي وتعيد تأهيل المنطقة.


وأشار إلى أنه سيتم إعادة تشكيل وتحسين وجهات المباني المواجهة لسور مجرى العيون مع استمرار استغلالها كمناطق سكنية ذات طابع حرفي، مؤكدا إمكانية استغلال الكوبري العابر لخط مترو الأنفاق بالصيغة التي تساعد على تحسين الصورة البصرية للسور من الخارج وإعادة إظهاره واستغلاله مع توفير مجموعة من أماكن انتظار السيارات وأتوبيسات السياحة.


وعن تاريخ سـور مجـرى العيـون (الأثر رقم 78)، أوضح عبدالعزيز أن مجرى العيون (أو سقاية فم الخليج) تعد جزءا أساسيا في منظومة المنشآت المائية الإسلامية في مصر، والتي تعكس عبقرية المعمار وصانع القرار في التعامل مع نهر النيل، مشيرا إلى أن القائد صلاح الدين الأيوبي كان أول من فكر في توصيل مياه النيل من منطقة رباط الآثار جنوبي الفسطاط إلى قلعة الجبل بواسطة السور الذي سمي بالقناطر العتيقة باستخدام السور كمجرى للمياه.


وقال إنه في عام 712 هـ (1312 م) أنشأ الناصر محمد بن قلاوون أربع سواقي على بحر النيل تنقل الماء إلى السور، ثم من السور إلى القلعة، وفي عام 741 هـ اهتم الملك الناصر بسوق الماء إلى القلعة وتكثيره بها لأجل سقي الأشجار وملء الفساقي ولأجل مراحات الغنم والأبقار، فأمر بحفر بئر أخرى ليركب عليها القناطر حتى تتصل بالقناطر القديمة فيجتمع الماء في بئرين، ويصير ماء واحدا يجري إلى القلعة فيسقي الميدان وغيره، ثم أمر بحفر خليج صغير في بركة الجيش يخرج من البحر ويمر إلى حائط الرصد.


وأضاف أنه حفر في الحجر تحت الرصد، عشر آبار يصب فيها الخليج وركب على الآبار السواقي لتنقل الماء إلى القناطر العتيقة – سور صلاح الدين- التي تحمل الماء إلى القلعة لزيادة مائها، مشيرا إلى أنه في عام 812 هـ (1409 م) قام السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي ببعض الإصلاحات في السور، حيث أنشأ بابا معقودا عند التقاء مجرى العيون مع بسور صلاح الدين، ولا يزال هذا الباب باقيا حتى يومنا هذا ويحمل اسم (قايتباي)، وفي عام 907 هـ (1501 م) أنشأ الملك الأشرف أبوالنصر قنصوة الغوري مجرى العيون الحالي، وذلك لنقل المياه حتى نقطة الالتقاء بالقناطر القديمة القادمة من الفسطاط. 


وأكد أنه في عام 1798م اتخذت الحملة الفرنسية المجرى كاستحكام حربي فسدت معظم عقوده- 26 قنطرة من 173- واستخدمته كسور، وأحدثت كثيرا من التغييرات بالمجرى فهدموه وخربوه حيث سدوا أبواب الميدان من ناحية الوسيلة وناحية عرب اليسار وأوصلوا سور باب القرافة بجامع الزمر، وجعلوا هذا الجامع قلعة وكذلك عدة قلاع متصلة بالمجراة التي كانت تنقل الماء إلى القلعة الكبيرة وسدوا عيونها وبواكيها وجعلوها سورا بذاتها، وسدوا الجهة المسلوكة من ناحية قنطرة السد بحاجز خشب مقفص وباب بقفل وعليه حرس ملازمون القيام عليه، وذلك حيث سواقي المجراة التي كانت تنقل الماء إلى القلعة، كما حفروا خلف ذلك خندقا.


وعن ارتباط المدابغ بمجرى العيون، أكد أنه من الطبيعي أن ترتبط المدابغ بالمدبح، مصدر المواد الخام التي تغذيها كصناعة قديمة بالمدينة، وسبب وجود المدبح والمدابغ بهذا الموقع معروف، حيث أن المدابغ كانت دائما خارج المدينة الإسلامية، حيث كانت في بداية نشأة مدينة القاهرة في جنوب باب زويلة، ولكن مع امتداد العمران انتقلت إلى مكان لم يكن عامرا في ذلك الوقت.