إسبانيا تهزم مصر سياحيا
ما هو سر تصدر فرنسا وإسبانيا جميع دول العالم من حيث أعداد السائحين وارتفاع الدخل من عائدات السياحة؟
فى الآونة الأخيرة، تظاهر العديد من المواطنين الإسبان بسبب ارتفاع أعداد السائحين من خارج إسبانيا، مطالبين إياهم بالرحيل من الأراضى الأسبانية، وبوقف هذا الذى أسموه "الغزو السياحي"، وبالفعل فإن إسبانيا تستقبل أعداداً غفيرة من السائحين تصل إلى 75 مليون سائح وتتعدى بذلك التعداد السكاني لإسبانيا كلها.
أما فرنسا، فنجدها تتصدر القائمة بحوالي 82 مليون سائح، فكيف استطاعت هذه الدول الوصول إلى هذه المرتبة السياحية الدولية الرفيعة؟ وكيف يترجم ذلك إيجابيا على شكل عائدات اقتصادية لتلك الدول؟
وكان نصيب مصر حوالي 5 ملايين سائح، بما تمتلكه مصر من كنوز سياحية لا يضاهيها مثيل في أية دولة أخرى بالعالم، وبموقع استراتيجى يتوسط دول العالم وبمناخ معتدل يتمنى الكثيرون العيش على أراضيها.
السر بسيط وسهل للغاية، فهم يتعاملون بشكل إنساني مع هذه الأعداد الغفيرة التي تزورهم، مع قليل من الشفافية في حالات الأزمات، مصحوباً بفريق متميز لإدارة الأزمات.
دعونا نشاهد ونسترجع سوياً كيف قامت فرنسا بمعالجة آثار الحوادث الإرهابية وتلاها إسبانيا، ولنقارن سوياً ما قاموا به، بحادث الغردقه الأخير.
لو فعلنا ذلك، لعرفنا السر!
فهم يلمسون قلوب زائريهم بالمعاملة الإنسانية التي يتلقوها، وببث الوعي إلى جميع طوائف الشعب بفوائد السياحة ومردودها على الاقتصاد القومي، حتى ضحايا الحوادث الإرهابية، تلقوا معاملة V.I.P. حتى بعد أن لقوا حتفهم، تعاملوا معهم بمبدأ الإنسانية، وبقلوب حزينة على فقدان هؤلاء الضحايا، ويحاولون جاهدين أن يكتسبوا تعاطف جميع الدول، حتى تلك الدول التي لا يوجد لديهم ضحايا في هذه الحوادث، تعاطف الجميع مع الضحايا ومع الدول، ورفض الجميع هذه السلسلة من الاعتداءات القاسية المجردة من المشاعر البشرية.
وتمكنت إسبانيا من الاحتفاظ بمكانتها السياحية، بل لقد اكتسبت أيضاً احترام دول العالم وتعاطفهم، بل وربما اكتسبت أعداداً جديدة من السائحين لمشاهدة النصب التذكاري الذي أقيم للضحايا، في مشهد تداعب فيه إسبانيا رغبة الجميع للذهاب إلى هناك والمشاركة الوجدانية بإشعال شمعة جديدة لضحايا الحادث، ووجدناهم ينظمون وقفة متحضرة يشجبون بها هذا الاعتداء الغاشم في مشهد مهيب يظهر مدى حرصهم واهتمامهم بتأبين الضحايا والحفاظ على صورة هذه الوجهة السياحية.
يجب علينا أن نتعلم من هذه الدول كيفية إدارة مثل هذه الأزمات، بل وكيفية اكتساب احترام جميع دول العالم وتعاطفهم.
لقد حاولت جاهداً – أثناء أحداث هجوم الغردقة الأخير – أن أقدم المساعدة للمسئولين عن الملف السياحي المصري، بوضع عدة اقتراحات يميزها سهولة وبساطة تنفيذها، لكي نستطيع اكتساب احترام وتعاطف الجميع.
وكأني كنت أتقدم لإسبانيا بهذه الإقتراحات والتي قامت بها عقب حادث الهجوم الأخير، بل تقدمت بمقترح أن تشعل منتجعات الغردقة الشموع لإظهار مدى اهتمام القطاع السياحي وتعاطفه مع آثار الحادث، وبعدة اقتراحات أخرى تظهر تضافر قوى الشعب المصري ضد الاعتداء، وللأسف الشديد، لم يحرك أي منهم ساكناً، بل لم يتم حتى مناقشة تلك الأفكار والاقتراحات.
واليوم وأنا أشاهد كيف تعاملت إسبانيا مع الحادث الغاشم، تمنيت أن يحذوا المسؤولين عن القطاع السياحي في مصر حذوهم، لكي تعود مصرنا الحبيبة كسابق عهدها، قبلة للسائحين من جميع دول العالم.
فمصر الحبيبة تستحق منا جميعاً أكثر من ذلك!