كان فرق كتير
ماذا لو لم تكن اخر عشر سنوات أو ما يزيد قليلا في حياتك تسير على طريق مختلف، وكان القرار هو تغير المسار برمته، هل كانت الأوضاع اليوم ستصبح مختلفة أو أجمل وقدرتنا على تجاوز أزماتنا الأخيرة تكون بكفاءة ومرونة أكبر ، هل كان فرق كتير فعلا ؟
القضايا التي تثار مؤخراً بشكل ملفت مثل سعر الصرف والدعم والمشروعات القومية الكبرى وقضايا الإستثمار والسياحة وغيرها من المسائل التي شغلت الرأي العام المصري مؤخرا بشكل كبير هل كانت لتختلف معالجتنا لتلك الأمور اليوم إذا كان القرار متخذ منذ البرنامج الثاني للإصلاح الإقتصادي المصري في عام 2003 والذي بدأ مسلسله عنده تعويم الجنيه وإجراء تعديلات موسعه على العديد من القوانين ذات التأثير واسع المدى على الإقتصاد كقانون الضرائب عام 2005 وتعديلات قانون الإستثمار وتحويلها من هيئة لوزارة وبرنامج الخصخصة الثاني، وقضية الدعم وخاصة دعم المواد البترولية التي فجأة طفت على السطح حينها مع وزير مالية إستطاع ان يقم بتعديلات جوهرية في شكل الموازنة العامة للدولة حتى يبرز رقم دعم مالي مدفوع سلفا للمواد البترولية والكهرباء ، هل كانت تلك المسائل والفضايا ومعالجتها التي صاحبت تلك الفترة ندفع ثمنها اليوم بشكل مبالغ فيه، أم انها كانت خريطة وبداية لإصلاح إقتصادي حقيقي وطموح لم يكتمل نتيجة أزمة مالية لم تصبنا بشكل مباشر في العام 2008 وماتبعها من تغيرات سياسية بعد ذلك في عام 2010، وواليوم وعلى بعد اكثر من سبع سنوات منها نقف ليحمل البعض أزمتنا الحالية عليها ، والبعض الأخر يرى انها تراكمات تتجاوز الثلاث عقود من الإهمال ، وأخرين يروا أن التركيبة العامة لبناء الإقتصاد الوطني المصري يعاني من خلل يزداد مع الزيادة السكانية وإنهيار البنية الأساسية لقوامه على مدى يتجاوز الستين عام.
في رأيي أن لا خريطة واضحة حتى اليوم تجاوب على سؤال هام قد يفك طلاسم مانراه اليوم، ماذا تريد مصر من إقتصادها وإلى أين تريد أن تصنف كدولة؟
نعم هكذا ببساطة، هل نقوم بإعادة تركيبة الإقتصاد الوطني لنعمق من فكرة الإقتصاد الخدمي فنعيد تأهيل البنية الأساسية من طرق ومشروعات الطاقة حتى تستوعب مزيدا من السياحة في المستقبل ومجتمع أعمال جديد كالعاصمة الإدارية الجديدة، أم دولة تسعى جاهدة لتوظيف تلك الطاقات من مشروعات دفعت من أجلها فاتورة مليارية في سنوات معدودة حتى يتنسى لهذا الإقتصاد أن يجذب مزيدا من الإستثمارات المباشرة؟ وإن كان كذلك فأي القطاعات تستهدف الدولة أن تتميز فيها ؟ أي هل ترغب في أن نصنف كدولة منتجة في صناعات بعينها أم سنعيد إحياء مشروع توارى فجأة عن الأنظار وهو مشروع زراعة مليون ونصف فدان ، أم سنكثف من إنتاج صناعات تستهدف أسواق جديدة أفريقيه على سبيل المثال كما سبق وصرحت وزيرة إستثمار مصر سحر نصر، أم سنظل نبني قوالب أسمنتية من عقارات تجارية ومولات وشقق سكنية – لا أقصد هنا الإسكان الإجتماعي – وتظل الأرض سلعة تقوم الدولة على تجارتها كمصدر ريعي للدخل دون الإهتمام بشكل جذري في ترفيقها لجذب إستثمار حقيقي وجاد يخدم شرايين الإستثمار الحقيقي المباشر التي جفت خلال السنوات الماضية.
القائمة ستطول من الحديث عن أين نحن من أين ، وهل سنتقبل دفع فاتورة إهمال أم ماسبق كان أفضل مما كان، في النهاية لازلنا اليوم نسعى أن نطول أولى خطواتنا لجني ثمار حلم المصريين في إقتصاد كفء قادر على توليد معدلات تنمية حقيقة مستدامة لا نمو بنسب لا تستطيع أن تحقق الحد الأدنى من العيش الكريم.
وبعيدا عن كل ذلك لازلت أصر على أنه ( كان فرق كتير ) ولكن نحن من نستهلك طاقتنا في لا شيء حتى نصل الى لا شيء ونترك متعة أن نصطف سويا من أجل أقل ماقد نستحقه.