نحن نتغير ببطء
ارسل لي أحد أصدقائي رسالة بها تحذير من وزارة الداخلية للمصريين، حول وجود عصابة تسرق وتخطف وتغتصب، وتنصح الوزارة الناس، مطالبة إياهم بتوخي الحذر وعدم ركوب المصعد بمفردهم وعدم السماح لأحد بدخول الشقة بحجة أنه «بتاع كهرباء» أو مياه، ونصائح كثيرة مثل ذلك تشعرك وكأنك قاب قوسين أو أدنى من «الاختطاف»، خاصة أن من حذر وزارة الداخلية نفسها، وهو ما يجب أن يوضع بعين الاعتبار.
الأمر بات وكأن الوزارة تقول لنا، «خذوا بالكم من نفسكم»، وصرنا كل يوم نسمع ونشاهد متغيبين ومخطوفين، وشققا وجدوا فيها بقايا لجثث أطفال منزوعة الأعضاء، ونسمع تحذيرات من بائعي المناديل وسائقي التاكسي، وهوانم مصر، ومن عيادات الأطباء ومن أكل الخوخ والبطيخ ولحم الحمير والأرز الصيني والبيض، حتى أصبحنا نخاف من كل ما نرى ونسمع ونأكل ونشرب. لقد حل فجاة على هذه البلاد ثقافة الرعب من كل شئ.
لا تساعد أحدًا، ولا تسعف ملهوفا ولا تؤمن خائفا ولا تتعاطف مع أحد، ولا تصدق أحدًا، ولا تتحدث معه في الأساس. شك في كل من حولك، وعش في رعب واترك كل واحد لمصيره.. هذا هو المطلوب، فهل يبدو الأمر طبيعي أم أنه بفعل فاعل؟
هل يعقل أن نصحوا من نومنا فجأة، لنجد أن كل من حولنا صاروا شياطين، أو أن هناك من «شيطنهم»؟
وهل أصبح فجأة كل تجار مصر، كل العلماء والمدرسين والأطباء والمهندسين.. مسيحيوها ومسلموها، الجيش والداخلية..هل صرنا فجأة، وفي لحظة ما، كلنا فجرة؟
هل حقًا اصبحنا غير ٱمنين في البيوت وفي الشارع وفي المدرسة والجامعة، حتى في قسم الشرطة؟
إنها والله ثقافة الخوف والرعب، يريدون أن يقتلوا فينا قيمنا، ورحمتنا وتعاطفنا ومحبتنا.. ينسونا - عمدا - مساعدة الغير ونصرة المظلوم والضرب على يد الظالم. يريدون أن يقتلوا فينا شهامة المصريين والذوق والأدب والحياء..
يريدون أن ينشغل كل منا بحاله وحده. يريدون أن يقتلوا فينا تعاليم ديننا وسنة نبينا.. لكنهم أبدا لن يفعلوها.