خفض الفائدة في مصر 2025: دفعة للاقتصاد أم مخاطر في الأفق؟

خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، لتصل إلى 25% للإيداع و26% للإقراض، في أول تخفيض منذ أكثر من أربع سنوات. جاء هذا مع تراجع التضخم إلى 13.6% في مارس 2025، من 38% في سبتمبر 2023، لدعم النمو الاقتصادي. لكن، هل يكفي هذا لتحفيز الاقتصاد، أم ستقيد التحديات العالمية والمحلية النتائج؟
تكاليف الدين
1. من يستفيد أكثر: الحكومة أم الشركات؟
الحكومة تستفيد بشكل كبير، إذ يقلل خفض الفائدة تكاليف الدين بنحو 175 مليار جنيه سنويًا، مما يتيح إنفاقًا على الخدمات. الشركات تستفيد أيضًا، لأن القروض أرخص، مما يشجع الاستثمار. في رأيي، دعم الشركات يجب أن يكون الأولوية لخلق فرص عمل ونمو
مستدام
.2. تأثير خفض الفائدة على المدخرين؟
المدخرون، خاصة كبار السن الذين يعتمدون على شهادات الادخار، سيتأثرون سلبًا بانخفاض الفوائد إلى 25%. رغم أن العائد الحقيقي (11.4% بعد التضخم 13.6%) لا يزال جيدًا، قد يلجأ البعض لاستثمارات محفوفة بالمخاطر. أعتقد أن الحكومة يجب أن تقدم أدوات ادخار آمنة لحماية هذه الفئة
.3. مصير الأموال الساخنة؟
الفائدة الحقيقية (11.4%) تجعل مصر جذابة للأموال الساخنة مقارنة بالأسواق الناشئة. لكن، قد تهرب هذه الأموال إلى أسواق منافسة مثل تركيا (رفعت الفائدة إلى 46% في 2025، بعائد حقيقي ~10%)، البرازيل (عائد حقيقي ~7-8% مع استقرار اقتصادي)، والهند (عائد حقيقي ~5-6% مع نمو قوي). التوترات الجيوسياسية والحرب التجارية الأمريكية-الصينية تزيد المخاطر، وقد تدفع المستثمرين للخروج من مصر إذا انخفضت الفوائد أكثر. أعتبر أن مصر تحتاج تحسين بيئة الاستثمار والاستقرار السياسي للاحتفاظ بهذه الأموال
.4. تأثير خفض الفائدة على القطاعات الاقتصادية كثيفة التمويل مثل العقارات والصناعة؟
القطاعات كثيفة التمويل، كالعقارات والصناعة، ستستفيد من تكاليف اقتراض أقل، مما قد يزيد الطلب على الإسكان ويشجع التوسع الصناعي. على سبيل المثال، انخفاض تكلفة القروض العقارية قد يحفز سوق العقارات. لكن، ضعف الطلب المحلي بسبب التضخم (13.6%) وارتفاع تكاليف الإنتاج قد يحدّان النمو. أرى أن خفض الفائدة ليس كافيًا لتحقيق نمو حقيقي، والقطاعات الإنتاجية تحتاج إلى حوافز ضريبية وتحسينات في البنية التحتية لتعزيز الاستثمار والإنتاج
.5. تأثير خفض الفائدة على التضخم؟
خفض الفائدة قد يرفع الإنفاق قليلًا، مما يزيد الأسعار بشكل طفيف. لكن، ضعف القدرة الشرائية يحد من ذلك. زيادات الناتجة عن أسعار الوقود والتوترات العالمية، كارتفاع تكاليف الواردات، تشكل مخاطر أكبر. أظن أن التضخم سيظل تحت السيطرة إذا استمر ضعف الطلب،
.6. هل هذه بداية تيسير نقدي طويل؟
القرار يشير إلى سياسة نقدية مرنة، مع توقع انخفاض التضخم إلى 12.5% بحلول يونيو 2025. لكن، المخاطر العالمية، كالتوترات التجارية، قد تجعل البنك حذرًا. أتوقع تخفيضات إضافية في 2025، ربما 400-600 نقطة أساس، لكن بحذر شديد
.7. تأثير القرار على السياسة المالية؟
خفض الفائدة يقلل تكاليف الدين، مما يتيح للحكومة زيادة الإنفاق على التعليم، الصحة، أو برامج مثل "تكافل وكرامة" التي تدعم 5 ملايين أسرة. لكن، قد تُستخدم الأموال لتغطية العجز. في رأيي، يجب استثمار هذه الأموال في مشروعات تنموية ودعم الصناعة بدلاً من سد العجز.
في النهاية، خفض الفائدة خطوة إيجابية لدعم الاقتصاد وتخفيف أعباء الدين، لكنه ليس حلاً شاملاً. الحكومة والشركات سيستفيدون، لكن المدخرين قد يواجهون تحديات. التضخم تحت السيطرة مؤقتًا، لكن هروب الأموال الساخنة إلى أسواق مثل تركيا والمخاطر العالمية يهددان الاستقرار. أعتقد أن نجاح هذه السياسة يعتمد على إصلاحات هيكلية، كتحسين بيئة الأعمال، وإلا ستظل النتائج محدودة.