ماذا لو
هناك امل يراودني في ان تطبق حكومة الدكتور شريف اسماعيل كشف حساب للفترة السابقة والمنفذ إسوة بما يحدث في جميع دول العالم.
واذا تحقق هذا الحلم سنجد ان اجابة سؤال المقال ماذا لو؟ ستظهر لنا ان حكومة دولة معالي رئيس الوزراء على خط الصفر في الانجازات مقارنة بالمستهدف المطلوب.
وهذا ليس ضعفا في الادارة ولكن معايير اختيار وزرائه في حاجة إلى وقفة.
وهذا ما دفعني للكتابة عن مأساة الاختيار لهذه المواقع السياسية بالدرجة الاولى وانها ليست مناصب مهنية او حرفية او تكنوقراطية.
ومصادر ترشح الشخصيات التي يتم الاختيار منها سواء كانوا من القضاة أو جهاز الشرطة أو اكاديمي الجامعات أو من ترقوا السلم الوظيفي وكل هذه المصادر تحرم على منتسبيها الانخراط السياسي او الحزبي.. وتأتي باشخاص غير مؤهلين لشغل تلك المناصب السياسية وهذه كارثة ومأساة بكل المقاييس.
ونتيجة لذلك يتم التعيين لهذه المواقع أحد القضاة الافاضل مثلا وهو طوال حياته العملية محرم عليه الانخراط في العمل الحزبي او السياسي وبذلك تظلمه وتظلم الموقع، وكذلك ايضا من جهاز الامن الوطني طوال حياته الوظيفية يعتبر كل من يخالف رأي الحكومة فهو من القائمة السوداء وتأتي بهذا اللواء وتقول له ها انت الآن اصبحت مسئولا سياسيا.
انها كارثة بكل المقاييس.
وتوضيحا لما سبق هو ان الوزير لابد وان يكون له رؤية لاعمال وتطوير وزارته وذلك بناء على رؤية حزبه الذي تربى فيه واستوعب العمل على ترويج وتنفيذ هذه الرؤية.
وبالمثل علي كل المهن.. ربما اكون طبيبا حاذقا في مهنتي ولكن هذا لا يترجم على كوني اصلح بنفس القدر ان اكون محافظاُ ما لم اكن تربيت فى حزب له رؤية استراتيجية واضحة.
اننا فى مأساة حقيقة نتيجة هذا التجويف المجرم والادهى والامر اننا نحاول ان نحاكى ما يسمى ديمقراطية الغرب، والتى تملك احزابًا قوية يتربى فيها العضو من لحظة انضمامه وصعوده داخل مستويات حزبه الى ان يشترك فى حكومة ظل، اى انه يتدرب على استيعاب المشاكل واقتراح حلول لها ويتربى على فن مواجهة الازمة.
ولذا نرى سيدة خريجة حقوق فى فرنسا تتولى وزارة الدفاع لانه منصب سياسى له رؤية وتأتى بالمتخصصين لتنفيذ تلك الرؤية ونحن الان نأخذ بمظهر ديمقراطيتهم فقط دون جوهر، كما أخدنا بمظهر الدين دون الجوهر حقًا نحن فى مأساة وملهاة.
ومما يزيد الامر سوءا عدم النخب المستنيرة فى المجتمع لدروها فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصرنا، واستسهلت موقع النقد والتنديد والتقاط الاخطاء وعزف موسيقى الصخب عليها دون ان تعى دورها الحقيقى هو تقديم بدائل وطرحها على الشعب والنظام، فإن اخذ بها النظام خير وان تجاهلها طرحوا انفسهم بشكل عقلانى على الشعب وان تقبلها الشعب كانت لهم القوة على الارض لفرض آرائهم على النظام.
تعلمتها من اصحاب الخبرة والحكمة واقولها ولن أمل من تكرارها: اسهل شىء ان تجلس ونقول هذا النظام كذا وكذا ولا يصلح، لكن التحدى الاعظم لكل وطنى ان يناضل فى تقديم حلول عملية من خلال رؤية واضحة المعالم واقعية يقدمها للشعب لكى يكسب ثقته ويدفع السلطة لقبول تلك البدائل.
نحن يا سادة فى حرب شرسة ضد من نهبوا وسرقوا ثروات مصر ولن يسلموا بسهولة لمجرد ان نقول لهم كفى.
ولن يستطيع السيسى وحده ان يواجههم دون مشاركة فعالة من كل القوى الوطنية الشريفة.
يا سادة مصركم الحبيبة تخوض معركة شرسة فاقت حرب الاستنزاف، واقولها للناصريين تذكروا ميراث زعيمكم حين قال «كلنا جبهة التحرير فى مواجهة القضية الوطنية وفى مواجهة الاحتكارات الاجنبية اطلق شعار النظام والعمل وتنظيم الاتحاد القومى».
واقولها للماركسيين ان ستالين استعان بكل فئات الشعب من مقاومة النازى.
وان «ماو» استعان بكل فئات الشعب فى زحفه المقدس وثورته العظيمة التى نجحت بعد اربعة وعشرون عامًا.
واقولها للنخب.. افيقوا ايها السادة والا سيحرقكم هذا الشعب العظيم الى مزبلة التاريخ كما جرف وازبل كل المتخاذلين فى تاريخه الى مزبلة الاحتقار والنسيان.
انها لحظة استثنائية فى تاريخ هذا البلد العظيم، وتتطلب روحًا جديدة وارادة قوية ووضوح رؤية واصرارا فولاذيا على مواجهة التحدى والانتصار عليه.
اخيرًا.. لا تعش فقط على الامل فـ الامل شعرة قابلة للقطع.. ولكن عش على العمل.
د. أحــمد إدريس
عضو المجلس الرئاسى بحزب المؤتمر