«حكومة الحلبسة»
لا أجد وصفاً لقرارات حكومة شريف إسماعيل سوى «حكومة الحلبسة»، حيث لا وجود للمنطق والهدف والرؤية، فأغلب القرارات ومشروعات القوانين التى وافقت عليها الحكومة جميعها يسير فى اتجاهات متناقضة.
ففى الوقت الذى أعلنت فيه الحكومة وضع خطة لتخفيض عجز الموازنة عن طريق تخفيض زيادة الإيرادات الحكومية، وتخفيض النفقات، وهو اتجاه صحيح خاصة فى ظل الاختلالات الهيكلية التى يعاني منها الاقتصاد المصري من ارتفاع معدلات البطالة والتضخم والدين العام، وانخفاض معدلات النمو والتشغيل والصادرات، فضلاً عن تراجع إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
واتجهت فيه حكومة المهندس شريف إسماعيل نحو تطبيق الضرائب التصاعدية والتحول لضريبة القيمة المضافة، فجأة وتحولت الحكومة وعكست مسارها بدون سابق إنذار ، وظهر ذلك بوضوح فى مشروع قانون الاستثمار الجديد، والذي حظي بحزمة كبيرة من الإعفاءات الضريبية والجمركية للمشروعات الجديدة التى يتم تأسيسها، وكذلك الإعفاء من قواعد الاستيراد والتصدير وحركة الدخول والخروج والمتعلقة بإنشاء فروع للشركات الأجنبية.
الإعفاءات الضريبية والجمركية وإن كانت جيدة من حيث المبدأ لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر، إلا أنها ستكون عديمة الجدوى فى ظل البيروقراطية التى تسيطر على حركة العمل بدواوين الحكومة، وعلى الحكومة المصرية مراجعة مشروع قانون الاستثمار الجديد مرة أخرى وإعادة النظر فى عدد من البنود التى تساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، بعيداً عن فكرة الإعفاءات الضريبية.
وبالرغم من التعديلات الإيجابية التى يتضمنها مشروع قانون الاستثمار، إلا أنه كذلك يتضمن الكثير من علامات الاستفهام، خاصة أنه وبموجب مشروع القانون المقترح الذي وافقت عليه الحكومة فمن المقرر إعفاء المشروعات داخل المناطق الحرة والأرباح التي توزعها لأحكام قوانين الضرائب والرسوم السارية في مصر.
يحب أن يدرك كل من الحكومة وأعضاء مجلس النواب بكافة أعضائه أن الحوافز والإعفاءات الضريبية والجمركية لن تساهم فى جذب وتنشيط الاستثمار العربى والأجنبي، وإنما السبيل فى ذلك يقتضي العمل على سرعة إزالة العقبات، أمام تأسيس الشركات، ومرونة أكبر فى عمليات تخصيص الأراضى - سواء الزراعية أو الصناعية أو السكنية - بالإضافة إلى وضع نظام متكامل لنزاعات الاستثمار يكفل للمستثمر حقه من ناحية، ويضمن كافة حقوق الدولة والمجتمع على حد سواء.