المركزي وتراجع الاقتصاد المصري
كارثة حقيقية ما فعله البنك المركزي المصري خلال عام 2016 برفع أسعار الفائدة 550 نقطة أساس خلال عام 2016 بواقع 150 نقطة في مارس و100 نقطة في يونيو و300 نقطة في نوفمبر أي بواقع 5.5% لتصبح أسعار الفائدة في أعلى مستوى لها في 22 عاماً منذ عام 1994، لتصل أسعار الفائدة إلى 14.75% و15.75% على التوالى لعائد الإيداع والاقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى وسعر الائتمان والخصم إلى 15.25%.
كما نرى جميعاً وبشكل واضح أن البنك المركزي يتبنى سياسة رفع سعر الفائدة لاحتواء التضخم ودعم قيمة الجنيه المنهار وإيقاف عمليات الدولرة والتي أثبتت فشلها وبشكل واضح فارتفع التضخم وانهار الجنيه المصري لأكثر من 50% وزادت معدلات الدولرة وتراجعت الاحتياطيات الأجنبية، ولم نجن من سياسة رفع أسعار الفائدة لتصل لأعلى مستوى منذ 22 عاماً إلا مجموعة كبيرة من الآثار السلبية القاتلة والتي أطاحت بالاقتصاد المصري وأدت لحالة من الانسداد الاستثماري وأدت إلى توقف عجلة الإنتاج والاستثمارات بل الأكثر من ذلك أدت إلى نزوح العديد من الاستثمارات الأجنبية إلى الخارج وخروج مليارات الدولارات لتجف كافة روافد الاحتياطي النقدي، كما أدت إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة الأسعار على المستهلك النهائي، وتراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية لارتفاع تكلفة الاستثمار، وسحب السيولة من الأسواق والبورصة المصرية والاستثمارات الأخرى وتجميعها وركودها في القطاع المصرفي دون استثمارها، وإحجام البنوك عن تمويل المشروعات الاستثمارية وتوجهها لإقراض الحكومة في أدوات الدين ذات الفائدة المرتفعة لتتفاقم معدلات الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات كارثية وغير مسبوقة وارتفاع تكلفة الدين العام وزيادة عجز الموازنة، مما أدى إلى تراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة ليصبح الاتجاه نحو سياسة انكماشية واضحة في ظل اقتصاد يعاني من ركود تضخمي.
لذلك يجب التخلي عن سياسة رفع أسعار الفائدة واتباع سياسة اتجاه نزولي لأسعار الفائدة لتصل إلى مستويات من 10% إلى 8% خلال ستة أشهر وتصل إلى 6% بنهاية عام 2017 بالتزامن مع استكمال القرارات الإصلاحية للسياسة النقدية بالتعويم الكامل للجنيه أمام الدولار بضم شركات الصرافة لمنظومة السوق الدولارية الرسمية وإطلاق كامل الحرية لها في توفير الدولار للسوق وترك سعر صرف الجنيه يتحدد وفقاً لقوى العرض والطلب في البنوك وشركات الصرافة، لتكتمل بذلك منظومة تحفيز وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية مما يؤدي إلي تشغيل القطاعات المتوقفة وتوظيف العمالة وتخفيض مستويات البطالة ورفع متوسط الدخل والقدرة الشرائية لدى المواطنين.
لأننا يجب أن نعلم أن الاقتصاد المصري بالفعل في وضع صعب ويعاني من الركود التضخمي وتراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة وتراجع الاستثمارات المباشرة وارتفاع الدين العام لمستويات كارثية وزيادة تكلفة الدين لأكثر من ثلث الموازنة وتفاقم العجز، لنجد أن آثار رفع أسعار الفائدة بهذه النسبة الكبيرة أدى إلى زيادة حجم مشاكل الاقتصاد المصري وخاصة بالاتجاه بسياسة انكماشية واضحة من البنك المركزي في الوقت الذي تنتهج فيه الحكومة سياسة توسعية تقوم على أساس زيادة الانفاق الاستثمارى وجذب الاستثمارات لرفع معدلات النمو الاقتصادى، لنجد حالة تضاد واضحة بين الحكومة والبنك المركزي لعدم الاتساق بين قرارات السياسة النقدية والسياسة المالية والإجراءات الإصلاحية التي تم إقرارها مؤخراً بما لا يصب فى صالح الاقتصاد المصرى ويؤدي إلي تحجيم الآثار الإيجابية لقرارات الاصلاح الاقتصادي الأخيرة، وانعكست الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة على زيادة تكلفة الانتاج وهو ما دفع الشركات إلى رفع أسعار البيع للمتنج النهائى بنسبة لا تقل عن 35% على المستهلكين مما جعل المستهلك هو المتحمل الرئيسي لها وبالتالى ارتفاع نسبة الركود فى الأسواق نتيجة تدنى المستوى الاجتماعى والاقتصادى وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، وفي نفس الوقت أدى رفع أسعار الفائدة إلى تراجع حجم الاستثمارات المباشرة سواء الأجنبية أو المحلية نتيجة لارتفاع تكلفة الاستثمار نظراً لارتفاع تكلفة التمويل من البنوك لإنشاء وتشغيل استثمارات حالية أو جديدة، هذا بجانب أثر رفع أسعار الفائدة على سحب السيولة من السوق ومن قطاعات الاستثمارات الأخرى وتحويلها للبنوك وحجزها في القطاع المصرفي دون استثمارها لأن تكلفة استثمار هذه الأموال أصبحت مرتفعة جداً على المستثمرين مما دفع البنوك للإحجام عن تمويل المشروعات واتجهت البنوك الى الاستثمار في اقراض الحكومة (سندات وأذون خزانة) وهو ما دفع إلى اعتماد الحكومة على تمويل عجز الموازنة المتفاقم من خلال البنوك مما أدى إلى تفاقم الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات كارثية وغير مسبوقة تجاوز الدين العام 99% من الناتج المحلي الإجمالي في ظل أن الحكومة لا تمتلك خطة حقيقية للتعامل مع ارتفاع العجز فى الموازنة المتفاقم بعد رفع الفائدة على الكوريدور، وأدى إلى زيادة تكلفة الدين في الموازنة العامة للدولة والتي تمثل بالفعل أكثر من ثلث الموازنة المصرية وبالتالي ارتفاع عجز الموازنة، ومع ارتفاع تكلفة الاستثمار وارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة أسعار السلع في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين أدى لمزيد من الركود في النشاط الاقتصادي دافعاً معدلات النمو إلى التراجع وزيادة معدلات البطالة وتفاقم حالة الركود التضخمي.