موسم «الصب في المصلحة»!
حظيت كلمة «المصلحة» في الفلكلور واللغة المصرية بالعديد من المرادفات التي جعلتها عنواناً واختصاراً للكثير من الدلالات، فالمصلحة التي تحدث عنها ذلك الفيلم الذي يحمل نفس الاسم والذي قام ببطولته الأحمدين (السقا وعز) حملت مرادفا للكلمة يدلل على ممارسة التجارة غير المشروعة سواء في المخدرات أو السلاح، وظل الحديث عن هذا المعنى لفترة توازت مع رواج الفيلم حينها.
والمصلحة عند «الدمايطة» وهم جمع الدمياطي –مش بتاع الحلويات- أهل محافظة دمياط تعني مكان العمل (الورشة، المعرض، الدكان...إلخ)، حيث يشير الدمايطة عادة في أحاديثهم إلى أنهم إما ذاهبون إلى المصلحة أو عائدون من المصلحة أو بعضهم الآن موجود في «المصلحة»، وكثيراً ما سمعت من بعضهم القول «البيت فوق المصلحة»، أي أن محل سكنهم دائماً ما يكون فوق محل العمل الخاص -كما أشرت- كالورشة أو المعرض...إلخ.
وتحمل الكلمة دلالة هي الأكثر «قباحة» بين كل المرادفات، تلك التي يتحدث خلالها الرجال ممن يريدون قضاء ليلة حمراء لفتيات يظنونهن بائعات هوى في الأماكن المعروف عنها تواجد هذا النوع من النشاط سائلينهن باستنكار «مصلحة ولا مروحة؟»!
أما أكثر المرادفات رواجاً لكلمة "المصلحة" فهو ذلك الذي يحمله الحديث الدائم بين المسئولين في مصر وبين المواطن، حيث يرى كل المسئولين -قاطبة- أن القرارات التي يتخذونها أو تتخذها الحكومة تصب في «مصلحة المواطن»، وهو تعبير يعني أنها تعود عليه بالنفع والإفادة، لكن.. المواطن المصري يرى أن «مصلحته» ليس من مصلحتها هذه القرارات المتتالية لأنها لم تعد تقوى على تحمل مزيد منها، حتى أن بعضنا أصبح "مرووش" متطايراً يلتفت خلفه وحوله كل يوم خشية من قرار حكومي جديد يصب في مصلحته!
القرارات التي يؤكد المسئولون على أنها تصب في «مصلحة المواطن» أصبح لها مواسم لا تختلف عن مواسم المصريين المشهورة كـ«طلعة رجب، وعاشوراء، ومولد النبي...إلخ)، لا سيما تزامنها أيضاً مع مواسم تحمل بطيعتها أعباءً للمواطن كموسم دخول المدارس ورمضان والأعياد وغيرها، فباتت «مصلحة المواطن» محملة بأعباء موجودة من قبل، إضافة إلى أعباء أخرى تم استحداثها لتصب فيها!
الخميس من كل أسبوع أصبح موعداً لقرارات جديدة، قد تشمل زيادة في الأسعار أو تخفيضاً في الخدمات أو تغييراً لقواعد وضوابط قائمة، كلها تحمل مردوداً سلبياً على "مصلحة المواطن المصري" الذي بات يتمنى أن يمر كل خميس دون قرار جديد يصب في «مصلحته»!
تالله الذي لا إله غيره لن يجد حاكم أو رئيس شعباً يضاهي الشعب المصري في تحويل كل السلبيات التي تواجهه والضغوط التي تقع على كاهله يومياً تحت وطأة ظروف الدولة إلى نكات وطرائف تخرجه من حالته، فحنانيكم عليه وعلى مصلحته بالله عليكم.