الحكومة تضع الشركات العقارية في خانة "اليك"
"اليك" هو مصطلح فارسي، يعني واحد، و"خانة اليك" هي وضع اللاعب المنافس في لعبة المحبوسة "الطاولة" في خانة واحدة، فيصبح مقيدا في طريقة لعبه , وهذه الجملة تساوي "كش ملك في الشطرنج"،.. وهذا فعلا ما فعلته الحكومة مع الشركات العقارية بالقطاع الخاص، حيث انتهجت الحكومة سياسة طرح وحدات إسكان منخفضة ومتوسطة وفوق متوسطة لسد احتياجات السوق والمواطن المصري، الذي وجد نفسه أمام الأسعار المبالغ فيها أو "المخيفة" التي تقدم بها الشركات العقارية الوحدات السكنية المختلفة وبطريقة دفع فورية أو تقسيط لا يتسق مع واقع الدخول الحالية لغالبية المواطنين، حتى الطبقة التي يطلق عليها "مجازاً" كلمة "متوسطة"..!
قبل عام من الآن خضت عراكًا جدليًا مع أحد العاملين بالقطاع العقاري الخاص، وقفت فيه في صف توقعات انفجار فقاعة العقارات بعيد النصف الثاني من العام 2017، وبحد أقصى مطلع العام 2018، لكن كونه من العاملين بالقطاع والمستفيدين من ارتفاع الاسعار، ظل يردد تلك العبارات المعروفة "العقار الابن البار".. "العقار حفظ للقيمة".. العقار لا يخسر أبدًا.
توقعاتي المتواضعة بأن تنفجر فقاعة العقارات كانت له شواهد وأسباب متعددة، و قد واجهت بها أيضًا أحد رؤساء مجالس إدارات الشركات العاملة في السوق وأنكرها، شركته قررت قبل أشهر قليلة طرح صندوق استثمار عقاري في البورصة ولاقى فشلا ذريعًاً ..!!
أبرز شواهدي هو دخول الحكومة بقوة في توفير وحدات عقارية فوق متوسطة وجاهزة وبأسعار تنافسية، وطرق سداد مريحة للغاية كـ "دار مصر"، و"سكن مصر"، إلى جانب وحدات الاسكان الاجتماعي التي توسعت بشكل كبير في طرحها خلال العامين الأخيرين لتغطي احتياجات شريحة ليست قليلة من المواطنين, لا سيما عمليات إعادة إعمار المناطق العشوائية وتحويلها إلى مناطق سكنية مميزة، كما حدث في أحياء "الأسمرات – العسال – غيط العنب".
لا شك عندي أن أسعار العقارات المتوسطة وربما الفاخرة ستشهد موجة تراجع كبيرة خلال الآونة القادمة، كما لا يشكك أحد الآن مرورها بحالة ركود كبيرة، وإن كان للقطاع الخاص أعذاره في رفع الأسعار بنسبة ارتفاع تكلفة البناء والمواد الخام، فلا أعذار له في تلك الأرقام المبالغ فيها والتي تصل بمتوسط سعر المتر السكني في المدن الجديدة إلى 6000 – 8000 جنيه وبطرق دفع لا يمكن أن يطلق عليها "تقسيط"..!
لقد نجحت الحكومة خلال 3 سنوات في الإنتهاء من 230 ألف وحدة سكنية، ويجري تنفيذ 270 ألف وحدة سكنية، ضمن ومشروع الإسكان الاجتماعى بمساحات 90 متر مربع، كما نفذت 85 ألف وحدة سكنية فوق المتوسط «دار مصر» بمساحات تبدأ من 140 متر مربع، إضافة إلى 100 ألف وحدة أخرى للمراحل المتبقية، ويجري تنفيذ ما يقرب من 40 ألف وحدة سكنية بـ 6 مدن جديدة ضمن مشروع «سكن مصر» للإسكان المتوسط، بمساحات تصل إلى 115 متر مربع.
كما نجحت الوزارة فى طرح أكبر عدد من أراضى الإسكان الاجتماعى خلال 3 سنوات لزيادة نسبة المعمور من الأراضي، حيث وصل حجم الأراضي المطروحة إلى 147 ألف قطعة أرض، بمساحات تبدأ من 200 متر مربع، حتى 1000 متر مربع، بالإضافة إلى 11600 قطعة أرض للمصريين بالخارج، «بيت الوطن».
أعظم ما يدلل على شواهدي بانفجار الفقاعة عما قريب، هو غياب المستهلك الحقيقي في غالبية الوحدات الموجودة الآن في المدن الجديدة (الشيخ زايد- القاهرة الجديدة- اكتوبر ..الخ)، وحدات (مغلقة..مظلمة), يحفظ فيها ملاكها قيمة أموالهم بعيداً عن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، لكن فوائد البنوك التي ارتفعت أكثر من 7% خلال عام، أكثر إغراءاً وأسرع تسييلاً للأموال.
القطاع الخاص وجد نفسه فجأة في سوق العقارات أمام منافس ينفذ مشروعاته على أراضي الدولة بلا تكلفة, ومرافق بلا تكلفة، وعمالة إلى حد كبير رخيصة.. والمنافسة بكل أمانة غير عادلة.. لكن المواطن معذور أيضا فلم يكن يملك البديل سوى "خانة اليك" التي نالتها الآن "شركات العقارات الخاصة"..!!