الاحتياطي الأكبر في تاريخ مصر يغرق في بحر الديون
«الاقتصاد» هاجسنا اليومي الأول، كما هو تحدي الحكومة الأخطر، ومرض مصر المزمن المستمر لعقود، لم تزرع الأرقام المتراجعة في وعي الحكومة أن الاقتصاد ليس فتحًا لسبيل الاستدانة، وتقييدًا لموازنة الدولة بفوائد ديون تتضاعف عامًا بعد عام، بل هو علم إدارة الموارد المحدودة للوصول إلى المنفعة.
أعلن البنك المركزي عن وصول الاحتياطي إلى 36.036 مليار دولار كأكبر احتياطي في تاريخ الاقتصاد المصري، ورغم ذلك فإن مصر مقبلة على الأخطر، إذا لم تقرر حكومة المهندس شريف إسماعيل «فرملة الاقتراض»، بعد وصول الدين الخارجي إلى 74 مليار دولار، بزيادة 50% في أقل من عام، وتضاعف الدين الداخلي.
المركزي يُكذب المركزي
قال بيان البنك المركزي إن الزيادة في الاحتياطي جاءت من تدفقات النقد الأجنبي من الاقتصاد المحلي، ممثلًا في الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج وغيرها من القطاعات بقيمة 4 مليارات دولار.
وأضاف بيان المركزي أن 3.7 مليار دولار جاءت من تدفقات من الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، وهو ما يعد إشارة ثقة من المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، وكذلك حصول مصر على الشريحة الثانية من قرض الصندوق بقيمة 1.25 مليار دولار تعد ثقة من صندوق النقد الدولي في مدى التزام مصر ببرنامج الإصلاح الاقتصادي.
فيما أشارت البيانات السابقة للبنك المركزي، إلى أن الدين الخارجي هو العامل الرئيسي وراء زيادة الاحتياطي الأجنبي.
الدين الخارجي.. نمو هائل
بلغ الدين الخارجي لمصر 74 مليار دولار، ارتفاعًا من 50 مليار دولار فقط في الربع الأخير من 2016، منها 22 مليار دولار قيمة قروض مستحقة للسعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان وتركيا وليبيا، بالإضافة إلى 4 مليارات دولار قيمة الشريحتين الأولى والثانية من قرض صندوق النقد الدولي، كما تلقت الحكومة 2 مليار دولار قروض من البنك الدولي.
وحصلت مصر قروض بقيمة 2.6 مليار دولار من الصين، ومليار دولار من البنك الإفريقي للتنمية، و700 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي، كما تسلمت الحكومة 13 مليار دولار من خلال طرح سندات دولية في شهور نوفمبر 2016 وحتى يوليو 2017، مع ارتفاع العائد عليها إلى 22%، كما ارتفع الدين بمقدار 2.2 مليار دولار مستحقة لشركات النفط والغاز العالمية.
احتياطي حقيقي أم وهمي
وخلال الفترة التي قارن بها البنك المركزي الاحتياطي الحالي، وهي فترة ما قبل ثورة يناير 2011، كان الاحتياطي حقيقيًا وليس احتياطي مصطنع أو وهمي كما هو الحال الآن، حيث كانت الـ36 مليار دولار مملوكة للدولة المصرية في عام 2010 وما قبلها، وأمواله ناتجة عن موارد ذاتية وإيرادات حقيقية من السياحة والصادرات والتحويلات وقناة السويس والاستثمارات المباشرة وغيرها.
أما تركيبة الاحتياطي الحالي تكشف أن معظمه مملوك لمقرضين خارجيين، سواء دول خليجية أو مستثمرين وصناديق استثمار دولية تحصل على سعر فائدة كبير مقابل منح هذه الأموال لفترة معينة.
أهمية زيادة الاحتياطي
تتمثل أهمية الاحتياطي الأجنبي في سداد الديون الخارجية وأقساطها، والوفاء بالالتزامات الخارجية للدولة، والتي تتضمن والديون السيادية والتجارية، بالإضافة إلي أنه يحافظ علي قيمة العملة المحلية، لا سيما أنه يساهم في سداد قيمة الواردات الخارجية، ويعمل على إحباط أية مضاربات للعملة.
كما يستخدم الاحتياطي الأجنبي للاحتفاظ بسيولة مناسبة للتصدي للأزمات الاقتصادية المفاجئة، والأزمات الناتجة عن كوارث بشرية أو طبيعية، وتوقف الإنتاج والتصدير ونقص المواد الغذائية والسلع الضرورية محليًا.