مفتى الجمهورية: لا يوجد في القرآن لفظ السيف
أوضح فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية انه لا يوجد في القرآن الكريم لفظ السيف إنما اطلق المتطرفون على الآية الخامسة في سورة التوبة آية السيف واتخذوها ذريعة لقتال غير المسلمين تحت دعوى قتال المشركين .. وقال آن ظاهرها يأمر الرسول الكريم والمسلمين بأن يقتلوا المشركين حيث قال تعالى فى هذه الاية : " فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم
واضاف فضيلة الدكتور شوقى علام في حديثه لبرنامج " مع المفتى " ان هذه الآية فهمها المتطرفون فهمًا خاطئًا وهذا جاء من منطلق أنهم يأتون على كل المجتمعات بالتكفير .. وأكد أن هذه الآية المسماة بآية السيف والمخصوصة بفئة معينة وقت النبي (صلى الله عليه وسلم ) لا تنسحب على القرن الواحد والعشرين ولا القرن الثلاثين ولا القرن الخمسين.
وأشار فضيلته إلى أن تفسير الآية يجب أن يتم بقواعد لغة العرب، ولفظ المشركين الوارد في الآية ليس على العموم فهولاء الناس المخصوصين المشركين المحدودين الذين يعلمهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، ويعلمهم المسلمون هم هؤلاء الذين ورد النص بخصوصهم ولا ينسحب على كل إنسان بدليل أن الله سبحانه وتعالى بعد هذه الآيات قال " وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ.. مشيرا الى اننا نفهم من الآية أنها نزلت في مجموعة معينة من المشركين المعيّنين، وليس كل من اُطلق عليه هذا الوصف.. وهذا هو الفهم الصحيح
ونبّه فضيلة المفتى الى أن تفسير القرآن يجب أن يتم في إطار كلى متكامل وفى إطار تاريخ وسيرة الرسول الكريم، ونلاحظ أن غير المسلمين كانوا موجودين في مجتمعات عديدة في عهده، والمشركون كانوا في مكة أيضاً
وأشار فضيلته إلى كثرة الآيات التي تدعوا إلى الهدنة والتعايش والرحمة والمودة وترك الناس في حرية ومنها قوله عز وجل: " وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (سورة يونس آية 99)"، وقوله عز وجل " وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (سورة هود آية 118)"، وغيرها من الآيات التي تدل على أن المجتمع هو في مساحة كبيرة من الحرية.
وتعجب فضيلته من اعتقاد المتطرفين بأن آيات الرحمة والمودة منسوخة، لكونها نزلت قبل فتح مكة، والرسول (صلى الله عليه وسلم ) فتح مكة ومن قبل الفتح صلح الحديبية ..وصلح الحديبية كان يُعد فتحًا، ولم يأمر النبي (صلى الله عليه وسلم ) بقتل المشركين ولا غير المسلمين في ذلك الوقت، فالثابت أن بعضهم لم يدخل الإسلام بدليل أن أبا سفيان بن حرب لم يزل بعد على الشرك، ومع ذلك قال النبي (صلى الله عليه وسلم : " مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ".
وأشار الى تأثر كثير من الفتاوى بهذا الاتجاه القائل بالنسخ فقد رصدت دار الإفتاء المصرية خمسة آلاف وخمسمائة فتوى تحدد العلاقة بين المسلمين والمسيحين، وكان من نتائج تحليل هذا الرصد أن سبعين في المائة من هذه الفتاوى يحرم التعامل، وأن عشرين منها يجعل التعامل معهم مكروها، وعشرة بالمائة فقط تجعل التعامل معهم مباحا، وهذا التحليل يفصح عن تضييق دائرة العيش المشترك التي كانت واسعة في أيام رسول الله صلى عليه وسلم.
كما اوضح فضيلته أن المصلحة الشرعية تقتضى في كثير من الأمور اتّخاذ السياسة الناجحة التي تؤدى إلى عصمة الدماء، وهو ما حدث في تجاوز النبي (صلى الله عليه وسلم ) عن بعض الأمور من أجل المصلحة الشرعية كشطب ألفاظ في وثيقة صلح الحديبية كــ " بسم الله " أو " رسول الله " وهو الحق الذى لا حق بعده ولكن أراد أن يعطى القدوة للمسلمين من التعامل المرن مع الأحداث
وناشد فضيلته الشباب بالعودة إلى جادة الصواب وأن يعلموا أن هذه الأفكار الهدامة ليست من صحيح الدين.