عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

درنة الليبية والإرهاب في مصر

الميزان

لا يزال الحديث عن الأراضي الليبية محل اهتمام العديد من المصريين خاصة بعد الضربات الجوية التي استهدفت معسكرات لمجلس مجاهدي درنة ومنطقة الجفرة التي كان بها بقايا من المليشيات التابعة لذات التيارات المتواجدة في درنة.

الأزمة في نظري ليست في الأسئلة الشائعة التي ترددت على لسان المصريين بشان علاقة درنة بحادث المنيا، وكأننا اكتشفنا فجأة أن هناك جماعات ما تمثل خطورة على الأراضي المصرية في دولة الجوار " ليبيا" غير أن شئ من المنطق قد يبقى لدى العامة وهو إن كان الأمر معلوما ومحددا لماذا لم يتم ذلك قبل وقوع هذا الكم من الضحايا، وفي الحقيقة تبقى الإجابة على هذا السؤال محل تخمينات لا معلومات مؤكدة إلا أنني سأحاول أن أشير إلى عدد من النقاط في العلاقة بين درنة والعمليات الإرهابية التي تجري في الأراضي المصرية.

درنة تعد احد أهم معاقل القاعدة والجماعات المتطرفة منذ زمن بعيد وحتى قبل سقوط القذافي، دعك من الخلفية التاريخية ولنتحدث عن الفترة الأخيرة التي وصل فيها داعش إلى ليبيا وصولا للضربات المصرية هناك. في سبتمبر 2014 وصل نحو 30من عناصر داعش من سوريا إلى درنة وانضموا إلى الخلايا النائمة بمدينة درنة وتبعهم بعد ذلك أفواج من داعش سوريا والعراق تمهيدا لإعلان ولاية درنة .

وفي 6 اكتوبر من ذات العام ، نشر فيديو يظهر استعراضاً عسكرياً لميليشيات "تنظيم أنصار الشريعة" المنضوية ضمن مجلس شورى شباب درنة والذي يضم فصائل أخرى وأعلنت درنة "إمارة إسلامية" ودعت إلى تجمّع جماهيري في "ساحة الصحابة" وسط المدينة لإبلاغ السكان بقرار مبايعته "داعش"، وهو ما أكد أن هناك حاضنة لهم في المدينة وكانت تلك الحاضنة تتمثل في عناصر القاعدة والمتشددين هناك الذين سمحوا لهم بالتوغل بينهم وإعلان ولايتهم حتى سيطروا على المدينة التي عاشت أحداث إرهابية لم تكن تتخيلها حتى حدث الصدام بين العناصر صاحبة الأرض والعناصر الوافدة على عملية الزعامة وقيادة الأمور وهو ما دفع ما يسمى بمجلس مجاهدي درنة إلى محاولة التحالف مع الأهالي لطرد الدواعش الوافدين من المدينة وتبقى الإمارة في يد الدواعش المحليين وهو ما حدث في يونيو 2015 وتمكنوا بعدها من طرد الإرهابيين إخوانهم من درنة .

التوقعات كانت تشير إلى أن درنة ستعود إلى طبيعتها ما قبل إعلانها إمارة إسلامية إلا أن الوضع استمر على ما كان عليه بشكل أخف من العام السابق، ومنذ هذه اللحظة تحولت درنة إلى قبلة المصريين الفارين من مصر وعلى رأسهم عمر رفاعي سرور الهارب من مصر ونجل رفاعي سرور أحد قيادات السلفية الجهادية وصول رفاعي سرور أهله ليصبح أبرز القيادات هناك لأنه ينتسب للقاعدة ولأن الجماعات في درنة عادت إلى مبايعة أيمن الظواهري الذي يرغب في إقامة عدد من الإمارات هو الآخر، وصول سرور مهد الطريق لهشام عشماوي ضابط الصاعقة المفصول المتهم في عدد من القضايا ومؤسس تنظيم "المرابطون" في منطقة الدلتا والذي انتقل إلى ليبيا بعد مقتل النائب العام هشام بركات، خلال الفترة الماضية تحولت درنة والجفرة إلى معسكرات تدريب وأصبحت ملاذا آمنا يأوي كافة العناصر الهاربة من مصر والقادمة إلى مصر أيضا كما تحولت إلى مركز إمداد للإرهابيين في سيناء وفي الدلتا، ونظرا لأن طول الحدود بين مصر وليبيا يصعب معه السيطرة استغل التنظيم الأمر وبدأ في تنفيذ خططه ضد مصر خاصة أن هناك عدد من الأطراف في درنة يحملون العداء لمصر إلى جانب عشماوي وسرور وأولهم عبد الحكيم بلحاج قائد الجماعة المقاتلة كما أن مرشد الجماعة علي الصلابي يعد الممول الأول للجماعات المسلحة والإرهابية هناك وهو يقود الأمر بتعليمات من قطر التي طالما مارست كافة أنواع العداء تجاه مصر، خاصة أن بلحاج يمتلك شركة طيران " الاجنحة الليبية" مقرها الدوحة وكانت تقوم بنقل العناصر الإرهابية من الدوحة إلى ليبيا كما كانت تنقل الأسلحة وقد تحدثت القوات المسلحة الليبية عن هذا الأمر أكثر من مرة.

الخلاصة أن درنة تمثل المعقل الذي يخرج منه المجموعات التي تدخل إلى مصر، كما أنها مركز لعبور السلاح والمتفجرات ومعسكرات التدريب، قد يكون قصفها ليس هو الحل الجازم وان الأمر يحتاج إلى تضييق الخناق في الداخل وعلى الحدود إلا أن الخطوة مثلت الكثير للجانب الليبي الذي تقدم خلال الأيام الأولى من يونيو الجاري وحرر منطقة الجفرة ويسعى لتحرير باقي المناطق وقطع طريق الإمداد على المجموعات الموجودة في مصر وهو عامل مساعد في الحرب على الإرهاب التي تحتاج إلى تكاتف وتعاون دولي بشكل أوسع.