عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

ماذا بعد التعويم؟

الميزان


ها قد مرت ستة أشهر على تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية، المعروف بتعويم الجنيه فما هو تقييم الآثار الايجابية والسلبية لهذا القرار على مختلف الأصعدة؟


على الصعيد الاقتصادي، لم يبتدع البنك المركزي المصري تنفيذ قرار تعويم الجنيه المصري، فبين الحين والآخر نسمع عن دول تسعى أو نفذت بالفعل تعويم عملتها المحلية كخطوة على طريق الاصلاح الاقتصادي وتجاوز الأزمة، فقد حررت دول عدة عملتها مثل الصين والهند والبرازيل والأرجنتين وماليزيا، وتعتزم المغرب تعويم سعر صرف الدرهم المغربي خلال العام الحالي.


والتعويم هو ترك سعر صرف العملة المحلية محررا بشكل كامل، بحيث لا يتدخل البنك المركزي أو الحكومة في تحديد سعر الصرف بينما يتم تحديده مقابل العملات الأجنبية من خلال آلية العرض والطلب.

شأنه شأن أي قرار اقتصادي، أثر تحرير سعر صرف الجنيه ايجابيًا في عدة جوانب بينما تحمل المواطن التبعات الصعبة، وتأثرت قطاعات بعينها بصور متفاوتة، وسوف نعرض فيما يلي موجزا لأهم التأثيرات الإيجابية والسلبية على أمل أن يكون العرض محايدًا في تقييم قرار التعويم بعد مرور قرابة نصف عام على إصداره.

تعددت الأثار الإيجابية لقرار تحرير سعر الصرف، ومنها:

• التوقيع على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، بعد تنفيذ عدة إجراءات إصلاحية منها تعويم الجنيه، بالإضافة الى دعم من البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار و1.5 مليار دولار من بنك التنمية الإفريقي للتنمية.

• توفير 28 مليار دولار لتمويل عمليات التجارة الخارجية

• زيادة احتياطي النقد الأجنبي لأعلى مستوياته منذ مارس 2011 ليصل إلى 28 مليار دولار.

• اقبال المستثمرين الأجانب على شراء أدوات الدين الحكومية.

• ارتفاع الصادرات المصرية خلال الربع الأول من عام 2017، مقارنة بنفس الفترة من عام 2016، حيث سجلت 5.519 مليار مقابل4.788 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2016، بزيادة نسبتها 15.3%.

• انخفاض الواردات خلال الربع الأول من عام 2017 لتصل إلى 12.110 مليار دولار، مقابل 17 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2016، بانخفاض نسبته 29%..

• انخفاض عجز الميزان التجاري من 12.260 مليارا دولار خلال الربع الأول من عام 2016، إلى 6.591 مليار دولار خلال الربع الأول من علم 2017 بانخفاض نسبته 46.24% في العجز في الميزان التجاري بسبب انخفاض الاستيراد وارتفاع الصادرات.


• إعادة الثقة في الاقتصاد المصري من المؤسسات الدولية والمستثمرين. على سبيل المثال نجاح طرح سندات في الأسواق الدولية بقيمة 4 مليارات دولار، وتغطيته أكثر من ثلاث مرات.

• القضاء على السوق السوداء وجذب البنوك المصرية لمبيعات عملة أجنبية تقدر بنحو 19.2 مليار دولار.

• زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الربع الأول من العام الحالي 2017 بنسبة 10.9% مقارنة بمعدلاتها في الربع الأول من العام الماضي حيث بلغت 4.6 مليار دولار.

• تخفيف البنوك المصرية القيود على حدود السحب والمشتريات من بطاقات الخصم والائتمان بالخارج بعد زيادة موارد النقد الأجنبي.

• ارتفاع مؤشر البورصة بصورة كبيرة بسبب توافر العملة الأجنبية.

• زيادة الطلب على سوق العقارات المصرية من المصريين المقيمين بدول مجلس التعاون الخليجي لانخفاض قيمة العقارات بعد التعويم بنسب تتراوح بين 30% و40%.


إلا أن قرار تعويم الجنيه ترك آثارا سلبية منها:

• ارتفاع مستوى التضخم ليصل الى 32.5% على أساس سنوي في مارس الماضي مقابل 31.7% في فبراير الماضي، وهي النسبة الأعلى منذ 31 عامًا. ونتيجة للتضخم ارتفعت أسعار معظم السلع بصورة كبيرة وخصوصا السلع الغذائية، ونتج نقص في بعض السلع.

• تحقيق بعض الشركات الكبرى لخسائر بسبب فروق العملة وإعادة تقييم الأصول والالتزامات النقدية.
• زيادة أعباء الدين العام وفوائده.

• زيادة تكلفة دعم السلع البترولية والتموينية.

• زيادة أسعار التعاقدات وعقود المقاولات للمشروعات الاستثمارية.

• زيادة تكاليف الإنتاج في الصناعات وخصوصا التي تعتمد على مكونات مستوردة.


بعد هذا العرض أرى أن إيجابيات قرار تحرير سعر الصرف قد حقق بشكل عام نتائج طيبة. غير أنه لا يمكن تجاهل الأثر العنيف للتضخم الذي نتج عنه زيادة معاناة الأسر المصرية وخاصة في الطبقة المتوسطة والفقيرة.

ومع التسليم بأن لكل قرار اقتصادي تبعات يجب تحملها حتى يتم تحقيق الأهداف المرجوة، إلا أن عبئ تحمل تلك التبعات لا يجب أن يكون على عاتق المواطن وحده دون أن تشاركه الحكومة في تخفيف الأعباء وترشد انفاقها وتدعم شبكات الأمان الاجتماعي لصالح الأسر الفقيرة ومحدودي الدخل.